حساب الزكاة للشركات
الخطوة الأولى:
تعتمد قائمة المركز المالي (الميزانية) وتستبعد القوائم المالية الأخرى.
الإيضاح:
لأن قائمة المركز المالي هي المختصة برصد الذمة المالية بجانبيها الموجودات التي هي ممتلكات الشركة، والمطلوبات التي هي التزامات على الشركة في نهاية السنة المالية، وتستبعد القوائم الأخرى مثل: قائمة الدخل، وقائمة التغيرات في حقوق الملكية، وقائمة التدفقات النقدية.
الخطوة الثانية:
يُستَبعَدُ جانب (المطلوبات) بجميع بنوده من قائمة المركز المالي (الميزانية).
الإيضاح:
- لأن (المطلوبات) بشقيها الرئيسين (حقوق الملكية + دائنون) عبارة عن حقوق على ذمة الشركة وليست حقائق فعلية تملكها الشركة.
- لأن المطلوبات وجودها (حقوقي مجرد) كالتزامات على ذمة الشركة، بينما الوجود الفعلي (الحقيقي) يظهر في الموجودات، والعبرة بحساب زكاة الحقائق الفعلية وليس الحقوق المجردة.
- لإن هذه الحقوق في الذمة تنتقل تلقائيا إلى جانب الموجودات (ممتلكات الشركة) فتظهر موزعة على عناصر الأصول فيها.
- المطلوبات كالمرآة تنعكس على الموجودات، ولذلك يجب أن يتساويا مثل كفتي الميزان تماما، ويترتب على ذلك أن المعادلة الزكوية التي تحسب بنودا مختارة من الجانبين تكون وقعت في خطأ فادح، حيث المال الواحد ذو الماهية الواحدة يحسب مرتين، مرة بطبيعته الحقوقية ومرة بطبيعته الحقيقية.
- إن حساب المال الواحد مرتين وباعتبارين مختلفين هو من تطبيقات الازدواج الزكوي، وهو ما ورد النهي عن في الحديث الصحيح (لا ثنيا في الصدقة).
- لأنه لا دليل من نصوص الشرع الحنيف يوجب الزكاة في المطلوبات من قائمة المركز المالي (الميزانية)، والزكاة عبادة توقيفية لا يجوز تشريعها إلا من عند الله وبواسطة نصوص شرعية معتبرة.
الخطوة الثالثة:
يُعتَمد جانبُ (الموجودات) فقط لحساب الزكاة من قائمة المركز المالي (الميزانية).
الإيضاح:
لأن جانب الموجودات (الأصول) هو المختص برصد الثروة المالية وممتلكات الشركة في نهاية السنة المالية، وجانب الموجودات هو المحل الذي تدخله الزكاة في الإسلام، لأن فيه النقدان وعروض التجارة والمستغلات.
الخطوة الرابعة:
تُصَنَّفُ جميع بنود (الموجودات) وفقا للأصول المالية الستة الواردة في الدليل العملي.
الإيضاح:
استنادا إلى دليل الاستقراء للميزانيات فإن بنود الأصول في جانب الموجودات لا تخرج عن ستة أصول حاصرة، وتسمى (مقياس الأصول المالية الستة)، وهي: النقد، وعروض التجارة، والاستثمار، والإجارة، والمدينون، والاستهلاك.
الخطوة الخامسة:
يُعتَمَدُ أصل (النقد) في حساب الزكاة.
الإيضاح:
- لأن (النقد) هو أصل الأصول المالية في الزكاة بالإجماع، ويسمى (النقدان) في الفقه الإسلامي، وفيه وردت نصوص صريحة من الشرع الحنيف توجب الزكاة فيه، منها آية (والذين يكنزون الذهب والفضة ولا ينفقونها في سبيل الله فبشرهم بعذاب أليم)، ولحديث (ما من صاحب ذهب وفضة لا يؤدي زكاتها إلا إذا كان يوم القيامة صفحت له صفائح فيكوى بها جنبه وجبينه).
- يشمل النقد كل ما وجدت فيه علة (الثمنية) لكونها مخزنا للقيمة ومقياسا للمبادلات، مثل: سبائك أو مسكوكات أو معدن الذهب والفضة، والحسابات الجارية بأي عملة.
الخطوة السادسة:
يُعتَمَدُ أصل (عروض التجارة) في حساب الزكاة.
الإيضاح:
عروض التجارة هي (كل مال أعد للبيع في سوقه خلال السنة)، فتجب الزكاة فيها باتفاق جماهير العلماء، وفيه ورد حديث (أمرنا رسول الله أن نخرج الصدقة مما نعده للبيع)، وفي الحديث (وفي البز صدقته) أي في تجارة الأثواب والأقمشة.
الخطوة السابعة:
تُستَبعَدُ بقية الأصول المالية الأربعة (الاستثمار / الإجارة / المدينون / الاستهلاك).
الإيضاح:
تستبعد (الاستثمارات) من الزكاة لأن الأصل في أوعية الاستثمار المعاصرة أن ملكيتها ناقصة وليست تامة، بل تجب الزكاة على جهة الاستثمار الفعلي لأنها تملك المال ملكا تاما وتصرفاتها فيها نافذة، وقد أجمع علماء الإسلام على أن الزكاة لا تجب إلا في مال مملوك ملكا تاما لا ناقصا، فهذه الاستثمارات تنعقد بموجب عقود عقود الشركة أو المضاربة أو الوكالة، فتستبعد من الزكاة جميع أدوات الاستثمار في جانب الموجودات من قائمة المركز المالي، ولأن زكاتها رغم ظهورها الحقيقي في موجودات الجهة القائمة على الاستثمار يتضمن الازدواج الزكوي الممنوع شرعا، وفي ذلك مخالفة شرعية لحديث النهي عن (الثنيا في الزكاة)، حيث المال الواحد نفسه يزكى باعتبارين مختلفين، مثل:
- ودائع الاستثمار المصرفية.
- النقد المعادل (شبه النقد).
- صناديق الاستثمار.
- محافظ الاستثمار الموقعة بموجب عقد المضاربة أو الوكالة.
- صكوك الاستثمار.
- الأسهم الاستثمارية.
إذا وُجِدَ لدى الشركة التي قدمت أموال الاستثمار (استثمارٌ ملكه تام) فإن الزكاة تجب على هذه الشركة الأصيلة، لأنها تملك أموالها المستثمرة في هذا الوعاء الاستثماري ملكا تاما، مثل: محافظ الاستثمار الموقعة بموجب عقد الإجارة، وقد أجمع علماء الإسلام على أن الزكاة لا تجب إلا في مال مملوك ملكا تاما لا ناقصا.
تستبعد (الأصول المؤجرة) التي تُعَدُّ لغرض بيع منافعها وتحصيل إيراداتها وغلتها، لأن زكاة الأصول المؤجرة (المستغلات) تجب في الإيرادات فقط، ولا تجب في القيمة الرأسمالية للأصل المؤجر نفسه، ولأن إيرادات التأجير المحصلة تدخل تلقائيا أولا بأول ضمن النقدية، فما صرف منها فلا زكاة فيه، وما بقي في النقدية يظهر معها في نهاية السنة المالية، فيدخل تبعا لزكاة رصيد (النقدية) عند حولان الحول في نهاية السنة للشركة.
يُستَبعَدُ رصيدُ (الأموال الاستهلاكية) من جانب الموجودات لدى الشركة، وهي كل أصل عيني أو معنوي تملكه الشركة وتحصل منافعه الذاتية لغرض الاستهلاك التشغيلي ودعم الحاجات الشخصية للشركة، فإن الزكاة لا تجب فيها، لأنه لا دليل في الشرع يوجب الزكاة فيها، فهي ليست نقودا وليست عروض تجارة، ولأن الأصل براءة ذمة المكلف، وتشمل الأنواع التالية:
- الأصول الثابتة كما تظهر في موجودات الشركة، مثل: المباني والأثاث والسيارات والأجهزة والمعدات، ومخزون القرطاسية، وأية مهمات تشغيلية أخرى ليست للبيع ولا للتأجير.
- المشاريع تحت الإنشاء والمنتجات تحت التصنيع، وهي كل ما مال تحويلي لم يصبح مكتمل الإنشاء أو تام الصنع، بدليل أنه لا يكون معدا للبيع ولا للتأجير، مثل: منتجات تحت التصنيع، ومواد خام، وقطع غيار، عقارات ومباني تحت الإنشاء.
- الأصول المعنوية (غير الملموسة)، ويعبر عنها في القانون (الحقوق المعنوية)، وهي حقوق مالية متصلة بأعيان أو منافع حقيقية تملكها الشركة، وتستخدمها لدعم أعمالها التشغيلية والربحية فهي تشبه الأصول الثابتة من حيث أن لها قيمة سوقية وأنها ليست معدة لا للبيع ولا للتأجير، مثل: الرخصة التجارية، والعلامة التجارية، واسم الشهرة، وحق الخلو، وبراءة الاختراع، وحقوق الملكية الفكرية كالتأليف والنشر والبرمجيات الإلكترونية.
يُستَبعَدُ (المدينون) من جانب الموجودات، لأن الدين ملك ناقص وليس تاما، وقد أجمع علماء الإسلام على أن الزكاة لا تجب إلا في مال يملكه صاحبه ملكا تاما لا ناقصا، بدليل أن الشركة لم تقبض أموالها حتى الآن وليس لها إلا المطالبة بحقوقها التي هي بيد غيرها وتحت تصرفه وحيازته، ولأن الزكاة عبادة توقيفية لا تثبت إلا بدليل، ولا يوجد دليل صريح في الشرع يوجب الزكاة في ديون الشركة على أموالها التي هي بيد غيرها، مثل: مدينو تمويل ومدينون تجاريون ومدينو مقاولات، وأوراق قبض، وأرصدة مدينة أخرى كالمصروفات مقدمة والإيرادات مستحقة.
الخطوة الثامنة:
يُصَفَّى رصيد (النقدية) من أي بند تفصيلي لا يكون ملكه تاما للوصول إلى صافي النقدية.
الإيضاح:
يجب التحقق من البنود الداخلة مبدئيا تحت رصيد (النقدية)، هل دخل تحته بنود تفصيلية ملكية الشركة عليها ناقصة وليست تامة ؟، فإن وجد ذلك يجب استبعاده من حساب الزكاة، مثل: النقد المعادل (شبه النقد) ومنها سندات الخزانة الحكومية المضمونة لأقل من ثلاثة أشهر، ومثل: الودائع الاستثمارية قصيرة الأجل.
الخطوة التاسعة:
يُصَفَّى رصيد (التجارة) من أي بند لا ينطبق عليه تعريف (عروض التجارة).
الإيضاح:
يجب التحقق من البنود الداخلة مبدئيا تحت رصيد (أصول المتاجرة)، فهل توجد تحته بنود تفصيلية خرجت عن مسمى عروض التجارة ؟، ومثالها (البضاعة الكاسدة)، وضابطها: (ما انقطع الطلب عنها في سوقها)، فهذه تُستَبعَدُ ولا زكاة فيها لأنها لم تعد عروضا تجارية على الحقيقة، بدليل تخلف ركن الطلب عليها عرفا.
الخطوة العاشرة:
يُستَخرَج ربع العشر من (صافي الأصول الزكوية).
مصارف الزكاة
الزكاة كما لا يخفى، لا بد لأن تكون في موضع القبول أن تصرف في مصارفها الشرعية، والتي حددها الله عزو جل في قوله: {إِنَّمَا الصَّدَقَاتُ لِلْفُقَرَاءِ وَالْمَسَاكِينِ وَالْعَامِلِينَ عَلَيْهَا وَالْمُؤَلَّفَةِ قُلُوبُهُمْ وَفِي الرِّقَابِ وَالْغَارِمِينَ وَفِي سَبِيلِ اللَّهِ وَابْنِ السَّبِيلِ فَرِيضَةً مِنَ اللَّهِ وَاللَّهُ عَلِيمٌ حَكِيمٌ} [التوبة:60]، فهؤلاء المذكورون في هذه الآية الكريمة هم أهل الزكاة الذين جعلهم الله محلاً لدفعها إليهم, لا يجوز صرف شيء منها إلى غيرهم إجماعاً.
ولا يجوز صرف الزكاة في غير هذه المصارف التي عينها الله من المشاريع الخيرية الأخرى, كبناء المساجد والمدارس, لقوله تعالى: {إِنَّمَا الصَّدَقَاتُ لِلْفُقَرَاءِ وَالْمَسَاكِينِ} الآية, و (إنما) تفيد الحصر, وتثبت الحكم لما بعدها, وتنفيه عما سواه, والمعنى: ليست الصدقات لغير هؤلاء, بل لهؤلاء خاصة, وإنما سمى الله الأصناف الثمانية, إعلاماً منه أن الصدقة لا تخرج من هذه الأصناف إلى غيرها.